( الخطر، والخدعة، وتعريض المرء نفسه، أو ماله للهلكة) المعنى السابق يدل على
الخَطْرُ، الوَخدعةُ، وَتَعْريضُ المَرْءِ نَفسَهُ، أوْ مالَهُ لِلْهِلاكَةِ
إنَّ الخَطْرَ الوَخدعةَ، وَتَعْريضَ المَرْءِ نَفسَهُ، أوْ مالَهُ لِلْهِلاكَةِ لَهِي أمْوُرٌ يَجِبُ الحَذَرُ مِنْها وَالتَّنَبُّهُ لها، فَفي جِيدِ النَّصِيحَةِ وَصِيَّةُ اللهِ تَعَالَى في كِتابِهِ الكَرِيمِ: (وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ) سُورَةِ البقرةِ، الآيةِ 195.
أَوَّلاً: مَا المَقصودُ بِالخَطْرِ؟
الخَطْرُ هُوَ ما يُحيطُ المَرْءَ، أوْ مالَهُ مِنْ أَضْرَارٍ، أوْ أَعْمالٍ ضَارَّةٍ بِهِ، وَيُقَدِّرُ الشَّخصُ الخَطْرَ بِدَرَجَةِ الاحْتِمَالِ، أوْ الإِمكانِ لِوقُوعِ هَذَا الأَذَى، فَإِذَا زَادَتِ الاحْتِمَالاتُ لِوقُوعِ هَذَا الأَذَى زَادَ الخَطْرُ.
ثَانِيًا: مَا المَقصودُ بِالوَخدعةِ؟
الوَخدعةُ هِيَ عَمَلِيَّةُ الخِدَاعِ، أوْ التَّضْليلِ، أوْ الغَشِّ فِي شَيْءٍ مَا يَتَعَلَّقُ بِالمَرْءِ، أوْ مالَهُ، وَهِيَ تَحْدُثُ عَنْ طَرِيقِ التَّمَويهِ، أوْ التَّكتُّمِ عَنْ أَمْرٍ مَا، أوْ إِخْفَائِهِ، وَيَتَوَسَّلُ الْمحتالُ بِوَسَائِلَ كَثِيرَةٍ يَصْطَادُ بِهَا ضَحَايَاهُ مِنَ النَّاسِ.
ثَالِثًا: مَا المَقصودُ بِتَعْريضِ المَرْءِ نَفسَهُ، أوْ مالَهُ لِلْهِلاكَةِ؟
هِيَ عَمَلِيَّةٌ مُتَعَمَّدَةٌ، وَإِرَادِيَّةٌ، وَيُقَدِمُ عَلَيْهَا المَرْءُ مُتَعَمِّدًا، وَيَعْلَمُ نَتَائِجَهَا الْخَطِرَةَ، وَيُرَادُ بِها خَوْضُ المَرْءِ فِي أُمُورٍ ضَارَّةٍ بِنَفسِهِ، أوْ بِمَالِهِ، مِثْلَ خَوْضِهِ فِي مِهَنٍ شَاقَّةٍ، وَخَطِرَةٍ، أوْ تَصَرُّفَاتٍ متهوِّرَةٍ، أوْ رِهَانِهِ لأَمْوَالِهِ فِي مَشَارِيعَ عَالِيَةِ الْمُخَاطَرَةِ.
رَابِعًا: أَسبابُ انجِرَارِ النَّاسِ إلى الخَطَرِ، أوْ الوَخدعةِ، أوْ تَعْريضِ أَنْفُسِهِمْ وَمَالِهِمْ لِلْهِلاكَةِ
1. الجَهلُ، أوْ قِلَّةُ الْوَعْيِ بِمَا يَحِيطُ بِالْمَرْءِ مِنْ أَخْطَارٍ، أوْ حِيلٍ، أوْ مَصَائِبَ، وَذَلِكَ يَجْعَلُهُ يُقْدِمُ عَلَى أَفْعَالٍ لَا يُسَبّبُهَا غَيْرُ الْجَهلِ بِعَوَاقِبِهَا.
2. اليَأسُ والقَنُوطُ مِنَ الحَيَاةِ، وَفُقْدَانُ الأَمَلِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ، فَيَحْتَقِرُ المَرْءُ بِنَفْسِهِ، وَلا يَحْتَرِسُ مِنْ أَفْعَالِهِ ضَارَّةٍ كَانَتْ، أمْ نَافِعَةً.
3. طُولُ الأَمَلِ، وَالتَّسْويفُ، فَذَلِكَ يَجْعَلُ المَرْءَ يَتَكَاسَلُ عَنْ الحِرَاسَةِ وَالِاحْتِيَاطِ، وَيَدَعُهُ فِي مَنْزِلَةٍ مِنْ الضَّعْفِ، وَقِلَّةِ الْحِيلَةِ، وَذَلِكَ يَجْعَلُهُ أَعْرَضَ لِلْأَخْطَارِ، وَالوَخَدَعِ.
خَامِسًا: طُرُقُ الوقَايَةِ مِنْ الخَطَرِ، أوْ الوَخدعةِ، أوْ تَعْريضِ أَنْفُسِنَا وَمَالِنَا لِلْهِلاكَةِ
1. التَّعْلِيمُ والتَّوْعِيَةُ، وَهِيَ مِنْ أَهَمِّ طُرُقِ الوقَايَةِ مِنْ الخَطَرِ، إذْ تُعَلِّمُ النَّاسَ مَخَاطِرَ، وَحِيلَ، وَمَصَائِبَ مَا حَوْلَهُمْ، وَتُعَلِّمُهُمْ أَيْضًا طُرُقَ التَّعاملِ مَعَهَا.
2. الحِرَاسَةُ وَالِاحْتِيَاطُ، وَهيَ عِبَارَةٌ عَنْ اتِّخَاذِ المَرْءِ كافَّةِ الإِجْرَاءَاتِ، وَالْوَسَائِلِ اللَّازِمَةِ لِحِرَاسَتِ نَفسِهِ، وَمالِهِ مِنْ أَيِّ شَيْءٍ ضَارٍّ بِهِ، إذَا أَرَادَ أنْ يَدْخُلَ فِي مَوْطِنٍ لَهُ شُبْهَةُ خَطَرٍ، وَيَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَكُونَ حَذِرًا، وَيَقِظًا، وَمُتَأَهِّبًا لِدَفْعِ كُلِّ مَا يُحِيطُ بِهِ مِنْ أَذًى.
3. مُرَاجَعَةُ النَّفْسِ، وَحِسَابُهَا، وَقِوَامُهُ أَنْ يَنْظُرَ المَرْءُ فِي أَفْعَالِهِ، وَأَقْوَالِهِ، وَيُحَاسِبَ نَفْسَهُ عَلَيْهَا، وَيَنْظُرَ هَلْ فِيهَا مَا يُعَرِّضُ نَفْسَهُ، أَوْ مالَهُ لِلْهِلاكَةِ.