(الفِطرةُ خَمسٌ) سميت هذه الخمس بالفطرة لأنها
الفطرة خَمسٌ
الفطرة: هي ما جبل عليه الإنسان بطبيعته الأصلية، وهي فطرة سليمة وصافية، وخالية من العيوب والزيغ. وقد سميت هذه الخمس بالفطرة لأنها من أصل خلق الإنسان، وهي متأصلة في طبيعته، ولا يمكن اكتسابها أو تعلُّمها، بل هي موجودة في كل إنسان منذ ولادته.
1. معرفة الله تعالى
وهي معرفة القلب لله سبحانه وتعالى، وإثبات وجوده ووحدانيته، والشهادة بأنه الخالق والرازق والمدبر. وهذه المعرفة فطرية في الإنسان، وهي موجودة في قلبه منذ ولادته، إلا أنه قد يطمسها الشرك والمعاصي.
إن معرفة الله تعالى هي أساس الدين، وهي أول شيء يجب على الإنسان أن يتعلمه، وهي سبب سعادته في الدنيا والآخرة. قال الله تعالى: فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ.
ومن علامات معرفة الله تعالى: الخشية منه، ومحبته، والشوق إلى لقائه، والثقة به، والتوكل عليه. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “الفطرة معرفة الله”.
2. توحيد الله تعالى
وهو إفراد الله تعالى بالعبادة، وعدم الشرك به، وإثبات أنه وحده المستحق للعبادة، وأنه لا إله إلا هو وحده لا شريك له. وتوحيد الله تعالى هو الركن الثاني من أركان الإسلام، وهو أعظم فرائض الدين.
إن توحيد الله تعالى هو السبيل الوحيد لبلوغ الفلاح والسعادة، قال الله تعالى: وَلَوْ أَشْرَكُوا لَحَبِطَ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ.
ومن علامات توحيد الله تعالى: الإخلاص لله تعالى، وتجنب الشرك الأصغر والأكبر، والدعاء إلى الله وحده، والاستعانة به وحده، والثقة به وحده. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “فطرة كل مولود على الفطرة، فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه، كما أن البهيمة تلد جلهاء، هل ترى فيها من جدعاء؟”.
3. محبة الرسل عليهم الصلاة والسلام
وهي محبة النبي محمد صلى الله عليه وسلم، وسائر الأنبياء والرسل عليهم الصلاة والسلام، وإجلالهم وتوقيرهم، والاقتداء بهم، واتباع سنتهم.
إن محبة الرسل عليهم الصلاة والسلام من علامات الإيمان، وهي سبب للسعادة في الدنيا والآخرة. قال الله تعالى: قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ.
ومن علامات محبة الرسل عليهم الصلاة والسلام: اتباعهم في أقوالهم وأفعالهم وأحوالهم، والدفاع عنهم، ونصرتهم، ونشر دعوتهم. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “أنا أولى بالنبيين من غيره يوم القيامة، وبيدي لواء الحمد، ولا فخر”.
4. إكرام الوالدين
وهو برهما والإحسان إليهما، وإطاعتهما في غير معصية الله تعالى، وحسن معاملتهما، ولين الجانب لهما، وتوقيرهما، واحترامهما.
إن إكرام الوالدين من أعظم الفرائض وأوجبها، وهو من علامات بر الوالدين. قال الله تعالى: وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا.
ومن علامات إكرام الوالدين: طاعتهما في كل شيء، إلا في معصية الله تعالى، والإحسان إليهما، وتوفير الراحة لهما، وقضاء حوائجهما، والتلطف في التعامل معهما. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “إن من إجلال الله تعالى إكرام ذي الشيبة المسلم، وحامل القرآن غير الغالي فيه والجافي عنه، وإكرام ذي السلطان المقسط”.
5. صلة الرحم
وهو وصلة القرابة، وإحسان الأقارب، وإنعامهم، وحسن معاملتهم، وصلة من قطعك، والعفو عمن ظلمك.
إن صلة الرحم من أوجب الفرائض، وهي من علامات الخير والبركة. قال الله تعالى: وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلْتُمْ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا.
ومن علامات صلة الرحم: التواصل مع الأقارب، وإحسانهم، وحل مشاكلهم، ومساعدتهم في أوقات الشدة، وإيثارهم على النفس، والتجاوز عن أخطائهم. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “من أحب أن يبسط له في رزقه وينسأ له في أثره فليصل رحمه”.
الخاتمة
الفطرة هي ما جبل عليه الإنسان بطبيعته الأصلية، وهي فطرة سليمة وصافية، وخالية من العيوب والزيغ. وقد سميت هذه الخمس بالفطرة لأنها من أصل خلق الإنسان، وهي متأصلة في طبيعته، ولا يمكن اكتسابها أو تعلُّمها، بل هي موجودة في كل إنسان منذ ولادته. وهي معرفة الله تعالى، وتوحيده، ومحبة الرسل عليهم الصلاة والسلام، وإكرام الوالدين، وصلة الرحم.
وتوجد فطرة سليمة في قلب كل إنسان، إلا أنه قد يطمسها الشرك والمعاصي. ومن هنا فإن على الإنسان أن يحافظ على فطرته السليمة، وأن يتبعها، وأن يجعلها دليله في الحياة.