( ايحسب الانسان الن نجمع عظامه ) استفهام غرضه
هل يظن الإنسان أننا لا نجمع عظامه؟
تمهيد
تُعتبر مسألة البعث والحساب من أركان الإيمان الأساسية، وقد أكد عليها القرآن الكريم في آيات كثيرة، ومنها قوله تعالى: ﴿أَيَحْسَبُ الإِنْسَانُ أَنَّنَا لا نَجْمَعُ عِظَامَهُ﴾ [القيامة: 3]. وفي هذه الآية الكريمة، يتساءل الله تعالى عن سبب ظن الإنسان بإمكانية أن لا يجمع عظامه بعد موته، ويؤكد على قدرته تعالى على بعثه وحشره.
أدلة جمع العظام
وردت في القرآن الكريم والسنة النبوية الكثير من الأدلة على قدرة الله تعالى على جمع العظام بعد تحللها وتفرقها، ومن هذه الأدلة:
النصوص القرآنية
تتضمن سورة القيامة العديد من الآيات التي تؤكد على جمع العظام، ومنها: ﴿وَقُلْنَا يَا أَرْضُ اَلْقِي مَا فِيكِ وَيَا سَمَاءُ اِفْعُرِي وَأُلْقِيَتِ الأَرْضُ أَثْقَالَهَا وَبَصَّتْ وَخَلَا الْفَرْدُ الصَّمَدُ﴾ [القمر: 20-21].
الأحاديث النبوية
روى البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “يجمع الله تعالى العبد يوم القيامة، ويسأله عن عمره فيما أفناه، وعن علمه فيما عمل به، وعن ماله من أين اكتسبه وفيم أنفقه، وعن جسمه فيما أبلاه”.
حكمة جمع العظام
إن حكمة جمع العظام بعد تحللها وتفرقها تكمن في:
إثبات قدرة الله تعالى على البعث والحشر.
إثبات عدل الله تعالى في محاسبة كل نفس على أعمالها.
إثبات نبوة الرسل عليهم السلام وصدق ما جاءوا به.
معنى جمع العظام
إن جمع العظام المشار إليه في الآية الكريمة لا يقتصر على العظام فقط، بل يشمل جميع أجزاء الجسم، حتى ولو تفرقت وتحللت. وقد أيدت الأحاديث النبوية هذا المعنى، ومنها قول النبي صلى الله عليه وسلم: “يحشر الله العباد يوم القيامة عظاماً لا لحم فيها ولا عصب”.
مراحل جمع العظام
يمر جمع العظام بمراحل متعددة، ومنها:
اصطفاء العظام
يبدأ جمع العظام باصطفافها في مكان واحد، وهو ما عبر عنه القرآن الكريم بقوله: ﴿ثُمَّ نُخْرِجُكُمْ تُخْرِجاً﴾ [القيامة: 14].
كسوة العظام
بعد اصطفاف العظام، يكسوها الله تعالى باللحم والعصب، حتى تكتمل صورة الإنسان مرة أخرى.
نفخ الروح
في المرحلة الأخيرة، ينفخ الله تعالى في العظام المكشوفة الروح، فيعود الإنسان إلى الحياة من جديد.
العبرة من جمع العظام
إن مسألة جمع العظام بعد الموت تحمل الكثير من العبر والدروس، ومنها:
ضرورة الإيمان بالبعث والحساب.
أهمية العمل الصالح في الدنيا استعداداً للقاء الله تعالى.
التأكيد على عدل الله تعالى في محاسبة كل نفس على أعمالها.
خاتمة
إن الآية الكريمة ﴿أَيَحْسَبُ الإِنْسَانُ أَنَّنَا لا نَجْمَعُ عِظَامَهُ﴾ تؤكد على قدرة الله تعالى على جمع العظام بعد تحللها وتفرقها، وذلك لإثبات قدرته وعدله ونبوة رسله. وإن جمع العظام يمر بمراحل متعددة، ويحمل الكثير من العبر والدروس التي يجب أن يتدبرها كل إنسان.