(قد افلح المؤمنون) تدل قد في هذا المثال علی
قد َأَفْلَحَ المُؤمِنُونَ
مدخل
تعتبر الآية الكريمة “قد َأَفْلَحَ المُؤمِنُونَ” من الآيات القرآنية العظيمة التي تحمل في طياتها رسالة عميقة عن أهمية الإيمان وخصائصه ونتائجه المترتبة عليه، حيث لا يكتمل إيمان العبد إلا بالعمل الصالح والتقوى، وقد تناول المفسرون هذه الآية الكريمة بالشرح والتفصيل، ومن خلال هذا المقال سوف نلقي الضوء على معنى “قد” في هذه الآية الكريمة، مستعينين بأقوال المفسرين والعلماء.
معنى “قد” في الآية الكريمة
اختلف المفسرون في تحديد معنى “قد” في الآية الكريمة “قد َأَفْلَحَ المُؤمِنُونَ”، فذهب البعض إلى أنها حرف تحقيق يفيد التحقيق والقطع، بمعنى أن فلاح المؤمنين أمر محقق لا شك فيه، بينما ذهب آخرون إلى أنها حرف تقليل يفيد التقليل من الفلاح، بمعنى أن فلاح المؤمنين قليل بالنسبة لما أعد لهم من ثواب عظيم في الآخرة.
أقوال المفسرين في معنى “قد”
ورد في تفسير ابن كثير رحمه الله: “وقوله: “قد” تحقيق للأمر، وتوكيد له، أي: قد ثبت فلاحهم ونجاحهم، وأيقنوا به، وعمله يقتضيه، فصار لهم فلاحهم محققًا لا محالة”، بينما قال الإمام القرطبي رحمه الله في تفسيره: “وقوله: “قد” للتقليل، أي: فلاحهم قليل بالنسبة إلى ما أعد لهم من الكرامة والثواب”، وقال الإمام الرازي رحمه الله: “اختلف المفسرون في معنى “قد” في هذا الموضع، فقيل: هي للتحقيق، أي: أن فلاح المؤمنين محقق لا ريب فيه، وقيل: هي للتكثير، أي: أفلاحهم كثير”، وقال الإمام الطبري رحمه الله: “وقوله: “قد” لإيقاع الفعل على ما أوجبته الصفة، ليستعمل الفعل لازما، كما تقول: قد قام زيد، فكأنه تعالى يقول: فلاح المؤمنين مقطوع به عندهم”.
دلالة “قد” على التحقيق والقطع
يرى كثير من المفسرين أن “قد” في الآية الكريمة تفيد التحقيق والقطع، أي أن فلاح المؤمنين أمر محقق لا شك فيه، وذلك لعدة أسباب، من أهمها:
أن الآية الكريمة جاءت في معرض المدح والثناء على المؤمنين، وهذا يقتضي تحقيق فلاحهم ونيلهم للثواب العظيم.
أن الآية الكريمة وردت بصيغة الماضي، وهذا يدل على تحقُق الفلاح ووقوعه بالفعل.
أن صلة “قد” في الآية الكريمة وهي “أفْلَحَ المُؤمِنُونَ” تدل على حدوث الفلاح وانجازه.
دلالة “قد” على التقليل
يرى بعض المفسرين أن “قد” في الآية الكريمة تفيد التقليل، أي أن فلاح المؤمنين قليل بالنسبة لما أعد لهم من ثواب عظيم في الآخرة، وذلك لعدة أسباب، من أهمها:
أن الآية الكريمة جاءت بعد وصف المؤمنين بخصال عظيمة، وهذا يقتضي أن فلاحهم قليل بالنسبة لما يستحقونه من ثواب على هذه الخصال.
أن الآية الكريمة وردت في سياق الحديث عن ثواب الآخرة، وهذا يدل على أن فلاح المؤمنين في الدنيا قليل بالنسبة لما ينتظرهم من نعيم في الآخرة.
أن صلة “قد” في الآية الكريمة وهي “أفْلَحَ المُؤمِنُونَ” تدل على حصول الفلاح، ولكنها لا تدل على كثرته أو قلت